السبت، 21 مايو 2011

قانون دور العبادة الموحد ضد الأقباط والمسلمين

قانون دور العبادة الموحد ضد الأقباط والمسلمين



21/5/2011


كتب rosaweekly العدد 4328 - السبت الموافق - 21 مايو 2011

بقلم : نبيل منير 
خبير قانونى

لا يمكن أن يقتصر المعنى للمسجد والكنيسة على المبنى فقط، لابد أن يكون هناك معنى وراء المبنى، لأن الإسلام لم يحتم على المسلم أن يؤدى صلاته فى بناء خاص، فلقد قال الرسول الكريم «جعلت لى الأرض مسجدًا وطهورًا»، وهذا يعنى أن المسلم يستطيع أن يصلى فى أى موضع من الأرض توافرت فيه شروط الطهارة والحلال، دون تحديد ولا حصر. كما أن المسيحى يستطيع الصلاة فى أى مكان طالما هو عضو فى جماعة مصلية، وهذا يعنى أن الكنيسة هى جماعة بشرية تشكل بالمفهوم المسيحى جسمًا واحدًا وليست مكانًا ولا مبنى حجريًا، فالكنيسة هى بشر وليست حجرًا بمعنى أنها ليست مبانى وقبابًا وإنما هى أناس تخصصوا لله أو بالمعنى العربى هم أنصار الله. 




إذن فالمسجد كمبنى هو رمز لجماعة تتعبد لله وتنشر الخير والسلام بين البشر وتحض على التسامح والسماحة، وهذا ما عبر عنه الكاتب الفرنسى «جوستاف لوبون» فى كتابه القيم «حضارة العرب» حيث يقول «المسجد مركز الحياة». 


والكنيسة كمبنى هى أيضًا رمز لجماعة تخصصت لله تزرع المحبة بين البشر أى تسلك كما سلك معلمها تجول تصنع خيرًا بالبشر، فسيلة مدخنة لا تطفأ وقصبة مردودة لا تكسر، تحب الجميع ليس الأصدقاء فحسب بل وحتى الأعداء، فيعرف الناس أنها جماعة المسيح لأنه قال «بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى: إذا كنتم تحبون». 

رسالة المسجد التسامح فهو مركز الحياة. 

ورسالة الكنيسة المحبة فهى كون الكون. 

ومن يتوحد مع المسجد تكون رسالته هى التسامح، ومن يتوحد مع الكنيسة تكون رسالته المحبة. 

الأساس هو الإنسان المسجدى أى الذى يحقق رسالة المسجد، والإنسان الكنسى أى الذى يحقق رسالة الكنيسة، ثم فى مرحلة أخيرة يأتى القانون لينظم فقط المبنى المادى للمسجد والكنيسة. ومن هنا نؤكد أن بناء الإنسان هو الحل وليس بناء المسجد أو الكنيسة بمعنى أن الإنسان وليس القانون.

المشكلة الحقيقية فى مصر لها ثلاثة أبعاد:

الأول: المسجد والكنيسة. 

الثانى: القانون. 

الثالث: الإنسان. 

أولاً: المسجد والكنيسة

المسجد الذى حاد عن دوره فلم تصبح رسالته التسامح والسماحة ولكنه تحول إلى جماعة متشرنقة حول ذاتها تنظر لمن هم خارجها أنهم أعداء. 




والكنيسة التى حادت عن رسالتها: محبة الجميع أصدقاء وأعداء، إلى جماعة طائفية تنظر لمن هم خارجها على أنهم أعداء. 


وهكذا.. أصبحت الجماعة المسجدية أشبه بحزب سياسى يعادى الآخرين، وأصبحت الكنيسة أيضًا حزبًا سياسيًا يعادى الحزب الآخر، فتضاربت الجماعات وتفكك الوطن الذى ينبغى أن يكون هو وحدة الجماعة التى ينضوى تحتها المسجدى أو الكنسى لأنه وحده الجماعة السياسية الحامية لجميع المواطنين.

ثانيًا: القانون

لو كانت مسائل الدين تحل بقانون لكان الأنبياء جلسوا وراء مكاتب فخمة لإصدار القوانين ولكنهم كانوا مصلحين اجتماعيين يتعاملون مع البشر من خلال الموعظة الحسنة. فماذا يحدث لو صدر قانون لدور العبادة، ولم يتم بناء الإنسان.. وما هى المشاكل التى سيسببها: 

1- معيار الكثافة السكانية: ويعنى هذا أن معيار بناء المسجد أو الكنيسة يتوقف على الكثافة السكانية فى المنطقة مثال ذلك: 

- كل ثلاثة آلاف تخصص لهم دار للعبادة سيتم بناء ثمانية مساجد مقابل كنيسة واحدة، ولكن أيضًا هذه الكنيسة لأى طائفة تكون أرثوذكس أم كاثوليك أم للطائفة الإنجيلية. - ثم من سيحدد الكثافة السكانية هذه؟ 

فهذا المعيار قد يؤدى إلى المشكلات الآتية:

أ- قد تحاول الأغلبية العددية الضغط على الأقلية لهجرة المنطقة قصرا حتى لا يتم بناء دار عبادة لها. 

ب- اشتعال الفرز الطائفى فى بيع أو تأجير العمارات السكنية الجديدة، فالمسلم سيفضل أن يكون كل شاغلى عقاره مسلمين والعكس صحيح. 

ج- فى حالة بناء كنيسة لمن ستكون أى لأى طائفة من المسيحيين ستخصص؟ 

2- معيار المساحة: بمعنى أن تكون مساحة المسجد مساوية لمساحة الكنيسة، وبالتالى سيظهر أحد وينادى بأن مساحات الأديرة بالأفدنة، ويطالب ببناء عدد من المساجد تساوى مساحة الدير. ناهيك عما يقال من أن المسلم يصلى بالمسجد خمس مرات يوميًا، والمسيحى لا يصلى سوى مرتين أسبوعيًا أو على الأكثر مرة كل يوم وبالتالى يؤخذ هذا بالاعتبار. 

ثالثًا: الإنسان

إن الإنسان المشكلة هو الذى يمارس شكلانية الدين فيختزل الدين كله فى دار العبادة، فتصبح الديانة عبارة عن دار عبادة أى الإسلام ما هو إلا مسجد والمسيحية ما هى إلا كنيسة، وهذا إهانة لأى من الدينين العظيمين.. وفى حالة تأخير بناء الكنيسة أو المسجد أو الاعتداء على أى منهما نجد هذا الإنسان الشكلانى أصبح محاربًا من أجل المبنى أى المظهر فقط.. وفى كل الأديان يعد هذا تدينًا مريضًا. 

من هنا نقترح:

1- إلغاء كل القرارات والقوانين المتعلقة ببناء دور العبادة والتى يدخل ضمنها الخط الهمايونى والشروط العشرة. 

2- تعديل قانون البناء ليدخل ضمنه بناء دور العبادة. 

3- تصحيح جميع المخالفات وحالات الفوضى والتصديات الخاصة بدور العبادة. 

4- تشكيل لجنة من الأزهر والكنيسة لوضع الشروط الواجب مراعاتها لبناء دور العبادة وتصبح هذه اللجنة ضمن تشكيل لجنة البناء لمراجعة الشروط المنوه عنها. 

5- إعادة المسجد والكنيسة إلى رسالتهما ببناء الإنسان روحيًا وأخلاقيًا، فيصبح إنسانًا متسامحًا محبًا وليس كارهًا متعصبًا، وبالتالى يحتاج هذا الأمر إلى استصدار قانون يحدد نشاط دور العبادة ومراقبتها من الأزهر والكنيسة لتسير فى طريقها الصحيح وتساهم فى بناء مصر.