السبت، 21 مايو 2011

ضابط مصري يصرخ : الحقوني أنا مش خليفة بن لادن

ضابط مصري يصرخ : الحقوني أنا مش خليفة بن لادن

السبت 21 مايو 2011 6:54:46 م


لندن: محمد الشافعي
عقيد القوات الخاصة (الصاعقة) محمد إبراهيم مكاوي, كان قائدا لسرية عسكرية متخصصة في مكافحة الإرهاب, خلطت المباحث الأميركية (إف بي آي) بينه وبين سيف العدل، الرجل الثالث في «القاعدة», الذي تسلم إمارة التنظيم خلفا لابن لادن, بصفة مؤقتة منذ أيام, ووضعت المباحث الأميركية اسم الضابط مكاوي على قائمة أكثر المطلوبين بالإرهاب.

وعرضت واشنطن خمسة ملايين دولار لاعتقاله منذ نهاية عام 2001 بتهمة أنه «سيف العدل» القيادي العسكري البارز في تنظيم القاعدة، رغم أنه يعيش منذ سنوات في إسلام آباد، واسمه مدرج بشكل علني في مفوضية اللاجئين بإسلام آباد، وطلب من الأميركيين أن يتسلّموه ويحاكموه «محاكمة عادلة» للتأكد من أنه ليس طريدتهم.

واختلف مكاوي مع قادة «القاعدة»، فخرج عليهم وسافر إلى باكستان واستقر بها وتزوج من باكستانية وأنجب منها، وطلب حق اللجوء السياسي في إسلام آباد، بعد أن أصبح مطلوبا من الأجهزة الأميركية والمصرية, ووصلت درجة خلافاته مع «القاعدة» وزعيم التنظيم أنه أطلق على حروب بن لادن، التي أكلت الأخضر واليابس وقضت على المئات من الأفغان العرب، أنها «حرب المعيز».

«الشرق الأوسط» تلقت عدة رسائل من مكاوي قبل عدة أشهر أثناء الإعداد لإجراء حوار موسع معه, وأرفق معها نسخا من خطابات أرسلها إلى المفوضية العليا للاجئين في إسلام آباد, وأخرى إلى أحد قيادات الجماعة الإسلامية السابقين, وقد تأخرت «الشرق الأوسط» في نشر رسائل العقيد مكاوي، رغبة في نشر لقاء صحافي موسع معه، بعد أن انقطعت أخباره.

وعلى أي حال، فما زالت هناك مصادر كثيرة تخلط بين الشخصيتين, ولكن الثابت أنه ليس سيف العدل, وليس له علاقة بـ«القاعدة». وكانت «الشرق الأوسط» نشرت قبل عدة سنوات تقريرا موسعا بالصور المنسوبة إلى سيف العدل والعقيد مكاوي، ونقلت عن إسلاميين أوجه الاختلاف بين الشخصيتين.

ويكشف مكاوي: «بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) المأسوية، تفاجأت بأن اسمي وتاريخي الحقيقي قد تم وضعهما تحت صورة شخص مصري آخر باسم وهمي هو (سيف العدل)، ضمن لائحة بـ22 شخصا من أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، على الرغم من أنه لا علاقة لي بـ(القاعدة) ونشاطاتها. والغريب أن لجنة التحقيق الأميركية في هجمات 11 سبتمبر اتهمتني أيضا بأنني عضو في (القاعدة)، على الرغم من أنها تعلم بحقيقة ما حدث».

ويقول في رسالته التي تلقتها «الشرق الأوسط» قبل مقتل بن لادن بعدة شهور، عبر البريد الإلكتروني: «إني أرسل إليك مسودة بعنوان (رسالتي إلى الضمير الإنساني)، ومعها طلبي إلى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ فمن الممكن أن تعطي لك فكرة عن حالي، وما واجهته وما عانيت منه، بعد حادث 11 سبتمبر الملفق الذي يستهدف إجباري على الانضمام إلى مؤامرتهم غير الأخلاقية, لقد ظللت صامتا مدة عشر سنوات. ولكنى لم أكن أبدا لأتخيل أن هذا الاضطهاد سيصل إلى هذا المستوى غير الأخلاقي. لقد اعتقدوا أن هذه الضغوط ستصل بي في آخر الأمر إلى الاستسلام، ولكنهم لم يدركوا بعد حين حقيقة أنني محارب قديم».

ويضيف: «لأن قضيتي هي قضية الأمة؛ فإن القوى العظمى تخلق كذبة معقدة لإهانة الأمة، وتشويه صورة ديننا، واحتلال أراضي المسلمين وابتزاز المجتمع الدولي عن طريق خلق عدو وهمي لتبرير أفعالهم الهمجية. أود أن أكون مباشرا معك؛ فإن الحرب ضد الإرهاب لهي في الحقيقة حرب ضد أهداف مختارة بواسطة أميركا وبريطانيا، وبدلا من المقابلة فإني أفضل أن تبقى على اتصال بي، وسأكشف لك عن حقائق مفاجئة تخص 11 سبتمبر، والحرب ضد الإرهاب، واحتلال العراق وأفغانستان، والألعاب المخادعة التي تقوم بها كل من باكستان وإيران وغيرهما الكثير. وشكرا لك على تعاونك ومشاعرك النبيلة تجاه قضيتي.. مكاوي».

ويقول في فقرة أخرى: «لقد كنت المتهم الرئيسي في قضية إعادة إحياء تنظيم الجهاد عام 1987، ولم يكن هذا الشخص معنا في السجن يوما. ومن هنا تستطيع أن تفهم أن اسمي لم يكن سيف العدل كما ذكرت أنت، ولكننا في الحقيقة نواجه مؤامرة بتبني اسمي وتاريخي لغرض شرير».

ومحمد إبراهيم مكاوي، المولود في مصر، والمشتبه في أنه الرقم 3 فيما يُسمّى قادة «القاعدة»، يقول: «في الحقيقة لست هو. لقد اضطررت إلى أن ألجأ إلى نفي نفسي طوعا، إثر الإفراج عني من السجن في مصر، بعدما اتهمني النظام بمحاولة إعادة تنظيم جماعة الجهاد بهدف الإطاحة بالنظام في 23 يونيو (حزيران) 1987، لكنه فشل في تقديم أي دليل ضدي».

ويضيف أنه حاول الاستقرار في البدء في السعودية, واستقر بعد ذلك في باكستان وتزوج من باكستانية. لكن مكاوي ينفي كل المزاعم الأميركية ضده، ويتحدى الأميركيين أن يثبتوا أنه «سيف العدل» المزعوم, ويقول أنا منه براء.

ويقول في فقرة أخرى: «أولادي يأكلون الخبز الحاف فقط لمدة تقارب العام, وأولاد المشتبه فيه الأول (أسامة ابن لادن)؛ كل واحد يتزوج امرأة أو اثنتين وينجبون له 15 حفيدا، وينعمون بضيافة وسخاء حكومة الولي الفقيه, (دا حتى الشحات) لا يأكل أولاده خبزا حافا، ومرة واحدة فقط أو مرتين في اليوم في أحسن الأحوال؛ أليس هذا شيئا مقصودا وبهدف واضح جلي، يا ناس انصفوا يرحمكم الله، صدقني.. أنا لست حزينا؛ فجدنا، صلى الله عليه وسلم، أكل العشب في شعب أبي طالب لمدة 3 سنوات، وأحفاده ذبحوا، فأنا ابن المبتلين وكأن تاريخنا يبدأ من جديد».

وفي رسالة أخرى مؤرخة بـ31 يوليو (تموز) يقول الضابط مكاوي: «هناك حملة ابتزاز لأميركا وتحالفها الدولي والحركة الإسلامية تديرها باكستان لحسابها الخاص بلا أخلاقية منقطعة النظير، باكستان محتفظة بكل رموز ما يسمى بالإرهاب الدولي في يدها تحت الأرض، وتديرها لحساب رهاناتها اللاأخلاقية».

ويكشف الضابط مكاوي: «المخابرات العسكرية الباكستانية تشن حربا غير معلنة على الولايات المتحدة وتحالفها الدولي في أفغانستان منذ 9 سنوات، من خلال رعاية ما يسمى بالتمرد الداخلي الأفغاني والإرهاب الدولي، على أمل أن يتم ربط الحل في أفغانستان وتوفير انسحاب آمن ومناسب يحفظ ماء وجه أميركا وتحالفها الدولي، بشرط أن يتم ذلك بربطه بحل متزامن لأزمتهم مع الهند في كشمير».

ويقول في موقع آخر: «حل مشكلة كشمير يعنى لباكستان حل 80 في المائة من تحديات أمنهم القومي، ولقد حاولوا ذلك من قبل؛ إبان فترة الاحتلال السوفياتي السابق لأفغانستان، ولم يتم لهم ما أرادوا، أميركا وتحالفها الدولي يدركون هذا وأكثر من هذا، ولكنهم مضطرون للحفاظ على تحالفهم الاستراتيجي مع الباكستانيين لأسباب لا تخفى على أحد».

وفي موقع آخر يقول: «الموضوع لو تضعه بتجرد أمام وجدانك ومسؤولياتك الأخلاقية والإنسانية والدينية كإنسان وكمسلم، تجده أكبر من لقاء صحافي مع مثلي، وأكبر من أي شيء آخر، لأن محاولة وقف القتال في أفغانستان واجب إنساني قبل أن تكون واجبا دينيا أو أخلاقيا أو مصلحة استراتيجية مؤقتة، أهداف الحرب المعلنة والمفترضة والمتوقعة أصبحت مبتذلة ورخيصة وبلا هدف مضمون نبيل، ولن تتحقق لأي طرف، لأنها تحولت إلى حرب استنزاف للمصداقية وللهيبة والكرامة، ولكن ثمنها للأسف أرواح بشرية بريئة وتوتر دولي وأشياء أخرى. الباكستانيون يرون في توريط أميركا وتحالفها الدولي في أفغانستان فرصتهم التي أرسلتها لهم السماء، ولن يجود بها الدهر مرة أخرى، لحل مأزقهم الأمني القومي، الباكستانيون ومنذ 6 سنوات يحاولون أن يمسكوا بكل خيوط اللعبة، ولكنهم فشلوا معي، خروجي من باكستان أقول لك بكل تواضع سوف يضع نهاية للحرب في أفغانستان، وربما في أماكن أخرى من العالم, تقدمت بطلب للمفوضية العليا للاجئين منذ 8 شهور، وعلى الرغم من أنى أحق إنسان على وجه الأرض لنيل اللجوء، فإن طلبي مجمد حتى الآن بسبب تدخلات الأمن الباكستاني».

ويوضح في رسالته أنه يطلب من الأمم المتحدة أن تساعده هو وعائلته في الحصول على اللجوء السياسي في أي دولة تحمي حقوق الإنسان وتحترمها، بغض النظر عن أصولهم العرقية أو الدينية.

وإذا كان الأميركيون على حق، كما يبدو، في ربط العقيد مكاوي بـ«جماعة الجهاد» المصرية التي كان ينتمي إلى أحد أجنحتها، فإن الغريب إصرارهم حتى اليوم على القول إن مكاوي هو نفسه «سيف العدل»، القيادي البارز في «القاعدة»، الذي تُرجّح معلومات أنه هرب من إيران.

ولا تكشف إيران ما إذا كانت تستضيف عناصر في «القاعدة»، لكن تقارير مختلفة تؤكد أن الكثير من عناصر هذا التنظيم يعيشون في إيران، إما في معتقلات أو إقامات تابعة لأجهزة أمنية. وجاء في الرسالة الطويلة التي بعث بها مكاوي إلى مفوضية اللاجئين، والتي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها: «إنني العقيد السابق», ويقول مكاوي إن عائلته تعرضت لظلم نفسي واجتماعي ومادي وعاطفي, جراء ما حصل له، وإن أولاده طُردوا من المدرسة وما زالوا كذلك، وإن كثيرين من أصدقائه وجيرانه وحتى أقربائه تجندوا كي يقدموا معلومات عنه كمخبرين.

كما يزعم في رسالته إلى مفوضية اللاجئين والمؤرخة في ديسمبر (كانون الأول) 2009: «واجهنا الضغوط طوال تسع سنوات، ليس فقط من الولايات المتحدة والدمى الباكستانية في يدها، ولكن أيضا من (القاعدة) وحتى من إيران، كي يتم إرغامي على الالتحاق بـ(القاعدة) وتكبير الدور المزعوم لسيف العدل».

ويوضح أنه يتعرض لكل هذه الضغوط وهو يعاني أصلا مشكلات في أوراق التنقل القانونية المتاحة له (عدم تجديد جواز سفره المصري)، ومضايقات من أفراد عائلته نفسها. ويكشف أنه كان يقيم سرا في مسكن تابع لوالد زوجته الباكستانية (متوف) حتى عام 2004، لكنه اضطر إلى الخروج إلى العلن إثر مشكلات مع بعض أفراد عائلة زوجته، فاستطاعت أجهزة الأمن الباكستانية اعتقاله بعدما كان مختفيا عن أنظارها منذ عام 2000 (تفادى اعتقاله آنذاك بعدما كانت أجهزة الأمن الباكستانية تبحث عنه، وداهمت منزله قبل 17 ساعة فقط من تفجير المدمرة «كول» في ميناء عدن).