الثلاثاء، 24 مايو 2011

في تقرير امريكي: مصر لن تستقر قبل 5سنوات والمدة تطول لو قامت حرب طائفية

في تقرير امريكي: مصر لن تستقر قبل 5سنوات والمدة تطول لو قامت حرب طائفية! 
تقرير أمريكي عاجل:
مصر لن تستقر قبل 5سنوات والمدة تطول لو قامت حرب طائفية!
- الخطر هو ظهور الانقسامات بين صفوف من قاموا بالثورة بعد انتهاء شهر العسل الذي بدأ مع سقوط النظام - أشرس الخلافات البرلمانية القادمة ستكون حول دور الجيش وسلطات الرئيس والقوانين الدينية وحقوق الأقليات - لن تأتي حكومة ذات توجه ديني للحكم
في الحلقة الثانية، يواصل الكتاب الأمريكي الذي صدر في الأسواق مؤخرا، لعدد من المحللين السياسيين الأمريكان وحمل عنوان "الثورة العربية الجديدة: ماذا حدث.. وماذا تعني.. وماذا سيحدث فيما بعد؟" أن يقرأ مستقبل مصر ما بعد الثورة.. في ديمقراطيتها الوليدة .. التي ستأتي غالبا بعد ولادة متعثرة.. مرهقة.. ملطخة بالدم.. وبالحياة في نفس الوقت. أغلب الظن أن مصر، لن تحقق انتقالا سهلا وسلسلا إلي الديمقراطية.. والاستقرار.. فالثورة ، مجرد بداية لعملية مرهقة.. طويلة.. تحتاج إلي الصبر.. وطول النفس.. والبال.. حتي وإن كانت ثورة سلمية لم تسل فيها الدماء.. والمتوقع أن يستغرق المصريون خمس سنوات في المتوسط قبل أن يصبحوا قادرين علي إرساء قواعد نظام حكم.. جديد.. مستقر.. لكن.. أسوأ ما يمكن أن يحدث في هذه الحالة.. هو أن تندلع ثورة مضادة.. أو حرب أهلية بين أبناء الوطن الواحد.. تمزق أوصال البلد أكثر.. وتجعل الانتقال إلي حكم مستقر أمرا أكثر صعوبة.. قد يستغرق وقتا أكثر من السنوات الخمس بكثير.
كل الثورات في العالم .. عرفت ما يشبه فترة شهر العسل بين القوي السياسية المعارضة.. تلك الفترة التي يتصالح فيها الكل.. ويعيشون في حالة من السعادة المثالية بعد رحيل الديكتاتور.. العدو المشترك الذي وحد الكل علي كراهيته.. لكن.. تنتهي فترة شهر العسل.. لتتفرق تلك الكراهية بين القوي السياسية.. وتظهر الانقسامات بين من قاموا بالثورة.. حول الأساليب.. أو الأهداف المطلوبة في المرحلة المقبلة.. وهو ما يمكن أن يزيد من صعوبة الانتقال لحكم مستقر.
وأحد أهم المحطات التي ستتفجر فيها هذه الخلافات بشكل عنيف.. ستكون تحت قبة مجلس الشعب القادم.
إن الخلافات التي تظهر الآن بين التيارات السياسية المختلفة في مصر.. من ليبراليين ويساريين وإخوان وأقباط وسلفيين.. ستتفجر في شكل مناقشات حادة في التشريعات والقوانين الجديدة التي ينتظر الناس من أول برلمان أن يسنها بعد الثورة.. خاصة تلك المتعلقة بالضرائب.. والإنفاق العام.. ودور الجيش في المرحلة المقبلة.. وصلاحيات الرئيس القادم.. إضافة طبعا إلي أكثر الملفات سخونة في المرحلة الحالية.. وهي الموقف السياسي الرسمي من تطبيق القوانين الدينية وحقوق الأقليات.
وغالبا ما سيمتد هذا الصراع بين كل تلك التيارات التي ظهرت علي السطح بعد سنوات طويلة من القمع، ليصل إلي تشكيل الحكومات القادمة.. فتوقع الكتاب الأمريكي أن مصر ستشهد في المرحلة المقبلة تعاقب عدد من الحكومات.. وتغييرات حادة في السياسات قد تجعل الوضع في مصر يشبه الحال الذي كانت عليه الفلبين بعد سقوط الديكتاتور ماركوس.. أو العديد من دول أوروبا الشرقية بعد الثورات التي أطاحت بأنظمة الحكم الشيوعية بها.
والواقع أنه في تلك المرحلة التي تعقب الثورة، ستجد الحكومات الغربية نفسها في موقف حرج.. لقد ساندت تلك الحكومات، وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، نظام مبارك خوفا من خطر الإخوان.. ووضعها ذلك في موقف المدافع عن الديكتاتورية خوفا من الإسلاميين.. وهو الخوف الذي تضاعف ألف مرة بعد قيام الثورة.. فالآن.. وبعد أن خلت الساحة من النظام القديم الذي كان يصد تطلعات الإخوان إلي الحكم، صار الإخوان هم أكثر الجماعات السياسية تنظيما في المجتمع المصري.. وهم يتوقعون أن يكسبوا أي انتخابات مفتوحة.. خاصة، لو تم إجراء هذه الانتخابات في وقت قريب، قبل أن يكتمل استعداد الأحزاب الأخري التي ولدت من رحم الثورة.
لكن .. قراءة الواقع، والتاريخ القريب يؤكدان أيضا حقيقة أخري، قد لا تكون علي هوي الإخوان.. ففي كل الدول التي سقطت فيها ديكتاتوريات شبيهة بتلك التي كانت سائدة في مصر، مثل الفلبين وأندونيسيا ورومانيا وجورجيا وكيرغيرستان وحتي زائير. لم يحدث، ولو في حالة واحدة، ان نجحت التيارات المتطرفة، أو صاحبة أيديولوجية سياسية معينة في تشكيل حكومات ما بعد سقوط الديكتاتورية.. بل إن النظام الجديد الذي يسود عادة بعد سقوط ديكتاتور مثل مبارك.. يكون نظاما ديمقراطيا.. لكنها ديمقراطية عرجاء.. غير مكتملة.. وغير ناضجة.. بل، والأسوأ يكون أصحابها علي استعداد للفساد، إن لم تتكون لديهم ميول سلطوية كالتي كانت سائدة لدي من أسقطوهم من قبل.
ولا أحد يمكنه أن ينكر أن الثورة المصرية شكلت نقطة تحول في تاريخ العالم الحديث.. ففي الفترة ما بين عامي 1949 و1979، شهد العالم عدة ثورات ضد أنظمة حكم ديكتاتورية، أو سلطوية في الصين وكوبا وفيتنام وكمبوديا ونيكاراجوا وإيران.. لكن.. كانت الحكومات التي تأتي بعد هذه الثورات.. حكومات ذات اتجاه فكري متطرف.. فهي إما حكومات شيوعية.. أو حكومات إسلامية كما حدث في إيران بعد سقوط الشاه.. في تلك الفترة، كانت الشعوب تفضل النموذج الشيوعي بسبب كراهيتها للرأسمالية التي كانت تمثلها أمريكا ودول أوروبا الغربية.. أما حالة إيران، فلم يكن الشعب يريدها لا شرقية ولا غربية.. لا شيوعية ولا رأسمالية.. خاصة مع تزايد نفوذ سلطة آيات الله الشيعة التي أدت في النهاية إلي قيام حكومة إسلامية في إيران.
إلا أنه منذ الثمانينيات.. بدأت النماذج الشيوعية والإسلامية تفقد بريقها لدي الناس.. صار كثيرون يعتبرون هذه النماذج فاشلة في مجالات النمو الاقتصادي.. وعاجزة عن توفير مستوي معيشي كريم ولائق للناس.. وكلاهما من أهم الأهداف التي قامت من أجلها الثورة المصرية اليوم.
لقد قامت الثورة المصرية، علي الرغم من أن معدل النمو الاقتصادي فيها قد وصل إلي مستويات قياسية في السنوات الأخيرة.. وهو ما يعني أن مصر لم تكن تحتاج إلي بناء اقتصاد قوي، وإنما بناء مؤسسات ديمقراطية جديدة في الدولة.. لذلك، يري الكتاب الأمريكي أنه لا داعي لضخ مزيد من الأموال والمساعدات المادية من الحكومات الغربية إلي مصر ما بعد الثورة.. لأن أي مساعدات يتم تقديمها إلي مصر قبل أن تكون قادرة علي تشكيل حكومات يعتمد عليها لن تؤدي إلا إلي تغذية الفساد .. وتعطيل تقدم البلاد نحو الديمقراطية.
ثم إن الولايات المتحدة علي الأخص، تمتلك سمعة سيئة في مصر ما بعد الثورة.. بسبب دعمها الطويل لحكم حسني مبارك بوصفه حليفها الأهم في المنطقة.. لذلك، فإن أي محاولة من جانبها أو من جانب حلفائها لاستخدام أموال المعونة أو المساعدات في دعم جماعات سياسية بعينها.. أو التأثير في نتيجة الانتخابات المصرية.. لا يمكن إلا أن تثير شكوك الناس ضدها.. إن الثورة المصرية لا تحتاج إلي دعم مالي من الخارج.. بل تحتاج إلي دعم أدبي لها في المحافل الدولية.. وتقبل دولي لكل الأطراف التي تقبل اللعب وفقا لقواعد العملية الديمقراطية.. إضافة طبعا إلي تقديم أي دعم فني يحتاجه المصريون في بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الجديدة.
علي أن الخطر الأعظم الذي يمكن أن يهدد مصر أو تونس كما يقول الكتاب، هو أن تندلع ثورة مضادة، قد يحتمل أن يقودها بعض المحافظين في الجيش الذين رأوا في أنفسهم القدرة علي حكم البلاد بعد سقوط الرئيس.. علي الأقل.. كان هذا هو السيناريو الذي حدث في المكسيك بعد الإطاحة بالديكتاتور دياز.. وفي الفلبين بعد سقوط الديكتاتور ماركوس.. وفي هاييت بعد أن اسقطت الثورة الطاغية جون كلود دوفالييه.. وبالطبع، كما حدث أيضا في اندونيسيا عندما أجبر الجيش الرئيس سوهارتو علي ترك الحكم.. ثم استعرض قوته فيما بعد بسحق كل حركات التحرر في تيمور الشرقية التي كانت أندونيسيا تحتلها منذ عام 1975.
وإذا كان هناك أمر يمكن أن يدعو الثوار في مصر إلي التفاؤل.. فهو أن كل الثورات المضادة التي نشبت في العالم الحديث.. لم تنجح في تحقيق أهدافها.. فمثلا.. فشلت الثورة المضادة التي اندلعت في الفلبين عام 1987.. وتلك التي قامت في هاييتي عام 2004 في التقليل من المكاسب الديمقراطية التي نجحت ثورات تلك البلاد في انتزاعها.. ولم تنجح أيضا، في دفع البلاد بعد سقوط الطاغية، إلي أحضان الحركات المتطرفة.. سواء كانت تلك الحركات دينية.. أم غير ذلك.
لكن.. تكمن الخطورة الحقيقية للثورات المضادة.. في أنها توجه ضربات تضعف أي نظام ديمقراطي وليد.. وتشتت جهوده التي يفترض أن تتجه نحو إصلاحات ضرورية وجوهرية يطالب بها شعبه.. كما أن الثورة المضادة هي السبب الأول الذي يمنح قوة لأي اتجاه متطرف علي الساحة.. والواقع أنه لو قرر الجيش، سواء في تونس أو في مصر أن يستولي علي السلطة.. أو أن يمنع الإسلاميين من المشاركة فيها.. فلن يؤدي هذا إلا إلي إكساب التيار الإسلامي مزيدا من القوة علي الأرض.
أما الخطر الثاني.. والأكبر.. الذي يمكن أن يهدد الديمقراطية الوليدة في مصر.. فهو خطر اندلاع حرب.. إن هناك حقيقة تاريخية لا يمكن تجاهلها.. ويعلمها كل من يجيدون لعبة السياسة.. والانقلابات.. تؤكد هذه الحقيقة أن كل الأنظمة الثورية التي قامت بعد قلب نظام حكم سلطوي.. تكون أكثر صلابة وتطرفا في تعاملها مع الصراعات الدولية.. فمثلا.. لم تكتسب حكومة الثورة الفرنسية قوتها من هدم سجن الباستيل الشهير الذي كان يرمز للظلم والقهر.. وإنما استمدتها من انتصارها في حربها مع النمسا.. وبنفس المنطق، منحت حرب إيران مع العراق المبرر الذي كان آية الله الخوميني يحتاجه لكي يستبعد معارضيه المدنيين المعتدلين من طهران..ويخرسهم تماما.. والواقع أن هناك بؤرة صراع واحدة هي التي يمكن أن تقدم الثورة علي طبق من فضة للمتطرفين في مصر.. والشرق الأوسط كله من بعدها.. هذا الصراع هو بالطبع، الصراع العربي الإسرائيلي.
لو وصل قلق إسرائيل.. وفقدان أعصابها إلي حد الانفلات.. ولو وصلت الاستفزازات الفلسطينية في المقابل إلي حد الانفجار.. فربما أدي ذلك إلي تصاعد التوتر والعدائية بين مصر وإسرائيل.. وهو يمكن أن يؤدي.. في أسوأ السيناريوهات.. إلي اندلاع حرب .. لا يعرف أحد مداها.
ربما كانت السيناريوهات التي يرسمها الكتاب الأمريكي لمستقبل الثورة.. سيناريوهات مظلمة.. محكومة بالخوف من الغد.. وكراهية ذلك التغير الذي لم يتوقع الأمريكان وقوعه.. وفرض عليهم اللعب بقواعد جديدة لا يملكون أطرافها كما كان الأمر في السابق.. لقد فرضت مصر احترامها علي العالم من جديد.. ويكفي، بشهادة الكتاب نفسه، أنها أخرجت الشرق الأوسط كله من تلك المنطقة المظلمة التي كان يحتلها علي الخريطة.. باعتباره المنطقة الوحيدة في العالم التي لم تصل إليها رياح الديمقراطية بما يتناسب مع مكانتها وحجمها.. ثورة الياسمين في تونس.. وثورة النيل في مصر.. ليست مجرد اسماء رومانسية تداعب أحلام الناس.. بل كانت أمرا واقعا.. فرض نفسه علي نظام ضرب به المثل في العناد والتشبث بالسلطة.. واقتلعه من جذوره دون أن يسيل نقطة دم واحدة.. بشكل لم يكن أحد في العالم كله يتوقعه.. ولن يتوقع أحد غالبا .. مهما كان.. ما يمكن أن يفعله المصريون فيما بعد.