الثلاثاء، 24 مايو 2011

تحقيقات الأهرام : تنشر تفاصيل اتفاق حقن الدماء في عين شمس

تحقيقات الأهرام : تنشر تفاصيل اتفاق حقن الدماء في عين شمس

تحقيق: سيد صالح-الأهرام | الثلاثاء ٢٤ مايو ٢٠١١ - ٠٩: ٥٣ ص +02:00 CEST






وراء كل فتنة طائفية شيطان مارد‏!‏ ويبدو أن ذلك الشيطان‏,‏ قد اقسم علي نفسه ألا يترك الوحدة الوطنية في حال سبيلها‏,‏ بعد أن قطع علي نفسه عهدا بألا يتوقف‏-‏ بين الحين والآخر‏-‏ عن زرع بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط‏,‏الذين خاضوا ثورة‏25‏ يناير.

تحت لواء القرآن, والإنجيل, ففرق جمعهم, ونال من وحدتهم,.. فهو الذي زرع أزمة كنيسة صول, وهو الذي فجر أحداث إمبابة, وهو الذي دبر فتنة عرب الطوايله, التي مرت بسلام بجهود العقلاء من الجانبين, مسلمين وأقباطا!

بعد يومين فقط من نشوب الأزمة بين المسلمين والأقباط, بسبب محاولة تحويل مبني مصنع الشرق للملابس الجاهزة إلي كنيسة دون موافقة من الجهات الرسمية علي ذلك, وهي المحاولة التي تصدي لها مسلمو عرب الطوايلة, وانتهت بتوقيع اتفاق حقن الدماء بين الجانبين, لتمضي الأزمة إلي حال سبيلها, ويعود الهدوء إلي المكان, وينصرف شيطان الفتنة إلي حيث أتي!

تقول وثيقة حقن الدماء التي وقعها ممثلون عن المسلمين والأقباط في عرب الطوايلة, والتي حصلت تحقيقات الأهرام علي نسخة منها, أنه في يوم السبت الموافق21 مايو2011, وبمقر ضيافة المحامي إمام إبراهيم الكرداسي بمنطقة عرب الطوايلة, وبحضور الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل وزارة الأوقاف, والشيخ طارق عبد الحميد, والشيخ حسن أبو الأشبال, والشيخ مرسي المطراوي, والشيخ زياد عبد الغفار, والشيخ حسن النجار, ومحمد الطويل, وسعيد أبو عياش, وحمدي سليم, وكل من القمص يوحنا فوزي, والقساوسة مرقص برتي, وفلوباتير جميل, وبولا فؤاد, وهاني عزيز أمين عام جمعية محبي السلام, ونبيل عزمي واصف, حيث اتفق الطرفان- بخصوص النزاع القائم علي المبني الكائن بشارع مصنع الشرق, وهو المبني السابق لمصنع الشرق للملابس الجاهزة والمراد تحويله إلي كنيسة العذراء, والأنبا إبرام, وليس الجمعية الموجودة بهذا الحي منذ19 عاما والمرخصة سابقا- اتفق الطرفان علي أن يبقي الحال علي ما هو عليه, من حيث إغلاق المبني لحين استخراج تراخيص من الجهات الحكومية بتحويله من مصنع إلي كنيسة, وفي حالة الموافقة علي التراخيص من الجهات المختصة يتعهد الطرف المسيحي بعدم استعمال الأجراس, وبعدم تغيير الشكل الخارجي للمبني, بينما نصت الفقرة الأخيرة من الوثيقة علي أن هذا الاتفاق ملزم للطرفين, وأنه في حالة عدم التزام أي منهما يكون الفصل بينهما للجهات المختصة.
الأزمة وتداعياتها

والمصنع الأزمة المراد تحويله إلي كنيسة- كما يقول إمام الكرداسي المحامي, وهو مهندس صلح المسلمين والأقباط في أزمة عرب الطوايلة- قد أنشئ في المنطقة منذ ما يقرب من25 عاما, وكان يستفيد منه أكثر من ألف أسرة, واستمر المصنع في إنتاج الملابس حتي عام2000 تقريبا, ثم توقف نشاطه بعد أن نقل صاحبه نشاطه الصناعي إلي مدينة العبور, حتي قام اثنان من الإخوة المسيحيين بشرائه في عام2005, واعتبارا من عامي2006, و2007, بدأ عدد منهم ومعهم أحد القساوسة بالتردد علي المبني ليلا, وكان الهدف تحويل مبني المصنع السابق إلي كنيسة, وجرت بعض التعديلات الداخلية البسيطة علي المبني, وقد تجمع أهالي عرب الطوايلة في ذلك الوقت لمنع تردد هذه المجموعات من المسيحيين علي المبني, واتصل سكان المنطقة برجال الشرطة, الذين حضروا وسألوا الإخوة المسيحيين عن سبب تجمعهم داخل المبني, فقالوا أنهم حضروا للصلاة, فسألهم رجال الشرطة عما إذا كانوا يحملون تصريحا رسميا بذلك, فأجابوا بالنفي, وبالتالي تم إخراجهم من المكان, وفي تلك الأثناء كان أهالي عرب الطوايلة من المسلمين يقومون ببناء مسجد علي الناصية المقابلة للمصنع الأزمة, لاسيما أن معظم سكان المنطقة من المسلمين بينما لا يزيد عدد الإخوة المسيحيين في المنطقة علي واحد في الألف.

والحقيقة, أنني والكلام مازال علي لسان إمام الكرداسي- لا أعرف لماذا يصر الإخوة المسيحيون علي تحويل مبني المصنع السابق إلي كنيسة, في منطقة عرب الطوايلة, ومعظم سكانها من المسلمين, بالرغم من وجود كنيسة بمنطقة عين شمس الغربية ويفصل بينها وبين عرب الطوايلة شارع واحد هو شارع المشروع, فضلا عن وجود مجمع للكنائس بمنطقة عزبة النخل؟!

وقبل عام2007 كانت الأوضاع هادئة, والأمور مستقرة, حتي أن بعض القساوسة, حاولوا فتح المبني بعد قيام ثورة25 يناير, إلا أنني رفضت حقنا للدماء, وتجنبا لوقوع فتنة طائفية, واستقرت الأمور عند هذا الحد, حتي جاء يوم الأربعاء الماضي, وفوجئنا باثنين من القساوسة, ومعهم عدد من شباب المسيحيين, وقد دخلوا المبني, وجلسوا فيه, فتجمع عدد كبير من أهالي المنطقة, واتصلنا بالشرطة, وتفاوضنا مع القساوسة علي الخروج من المبني حقنا للدماء, وقد استمرت عملية التفاوض من العاشرة صباحا حتي الخامسة مساء, وخرجوا في حماية المسلمين من سكان المنطقة, ومساء السبت الماضي, عقدنا جلسة مصغرة بدءا من الثامنة والنصف مساءا, وحتي الواحدة صباحا في مضيفتي, وتم توقيع وثيقة الصلح, والتي اتفق الطرفان بمقتضاها علي أن يبقي الحال علي ما هو عليه لحين استخراج الإخوة المسيحيين تراخيص من الجهات الرسمية بتحويل المبني من مصنع إلي كنيسة, وقلنا خلال جلسة الصلح أن المكان لا يصلح لان يكون كنيسة لاسيما أن المنطقة تضم عائلات, وقبائل, وكلهم من المسلمين, وعرضنا شراء المبني من الإخوة المسيحيين, أو أن نمنحهم موقعا بديلا في مكان آخر, وأبدينا استعدادنا علي أن نبنيها لهم, لكنهم رفضوا, كما اقترحنا أن تتم الاستفادة من المبني في مشروع خيري, كجمعية خيرية, أو مستشفي, أو مدرسة تخدم المحتاجين من أهالي المنطقة مسلمين ومسيحيين فرفضوا أيضا!

وتأتي الخطورة من تحويل مبني المصنع في منطقة عرب الطوايلة إلي كنيسة, من أن99% تقريبا من السكان مسلمين, ومعظم ينتمون إلي جماعة الإخوان المسلمين, أو الجماعة السلفية, بينما ينتمي سكان منطقة عرب الحصن المجاورة بالكامل إلي جماعة الإخوان, مما يهدد بانفجار فتنة طائفية في أي وقت, كما أنني لا أري ضرورة لتحويل المبني إلي كنيسة لاسيما أن عدد الإخوة المسيحيين في منطقة عرب الطوايلة قليل للغاية كما ذكرت, كما أن هناك كنائس تبعد عن المنطقة لمسافة500 متر مثل كنيسة عين شمس الغربية, فضلا عن مجمع كنائس عزبة النخل, وهناك كنيسة أخري علي ترعة التوفيقية, وإن كنا قد اتفقنا في وثيقة الصلح علي أن يتقدم الإخوة الأقباط إلي الجهات الرسمية للحصول علي موافقة بتحويل مبني المصنع إلي كنيسة, وأخشي إذا تمت الموافقة أن تشتعل الفتنة الطائفية, وإذا حدث, فسوف ارفع يدي, وأنا لست مسئولا عن عواقب ذلك, ساعتها لن يلوم المسئولون إلا أنفسهم!
قصة بيع المصنع

ويقول عقد البيع الذي حصلت تحقيقات الأهرام علي نسخة منه: أنه في يوم الأربعاء الموافق2005/2/2 تم توقيع عقد بيع ابتدائي بين عزيز الدين محمد عبد الرحمن- مصري- مسلم- ويحمل بطاقة رقم قومي23803232100211 لسنة2003- كطرف أول بائع, وسمير كندس مرقص- مصري- مسيحي- ويحمل بطاقة عائلية برقم18010 سجل مدني حدائق القبة, ومنير عطية قليني- مصري- مسيحي- ويحمل بطاقة عائلية برقم26140 والاثنان كطرف ثان مشتريان, وتم الاتفاق بين البائع والمشتريين علي أن يسدد الأخيران مبلغ مليوني جنيه هي قيمة العقار, وقد اتفق الطرفان علي التنازل عن كامل أرض, ومباني العقار الكائن علي القطعتين رقمي122 و123 من خريطة تقسيم شركة القاهرة للإسكان والتعمير بحوض الهواري رقم2 بناحية عرب أبو طويله قسم المطرية محافظة القاهرة-, والقطعتين مقام عليهما العقار رقم1,3 شارع مصنع الشرق من شارع التوفيقية- في عين شمس الغربية.

ووفقا للتراخيص الصادرة من وزارة الصناعة في29 أكتوبر من عام1991, فإن المصنع المراد تحويله إلي كنيسة, يحمل اسم مصنع الشرق للملبوسات التريكو قطاع خاص- توصية بسيطة باسم محمد عزيز الدين محمد وشريكه, ومقره الرئيس شارع1 قطعة رقم123 أرض الهواري- المطرية- القاهرة- وتم قيد المصنع بالسجل الصناعي برقم17239, علي أن يمارس المصنع صناعة الغزل والنسيج, ومنتجاته الرئيسية إنتاج الملابس الداخلية للرجال والسيدات.

الدكتور عصام النظامي الأستاذ بطب القاهرة وعضو اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة وشاهد عيان علي الصلح الموقع بين المسلمين والأقباط في عرب الطوايلة,أكد أن القضية ليس لها بعد ديني, حيث أجمع الجميع من المشاركين في جلسة الصلح علي أن الإسلام دين سماحة, و أنه لايوجد أي مانع ديني من حرية العبادة, ولكن التركيبة الاجتماعية والسكانية لهذه المنطقة لها حساسية خاصة, حيث أن المصنع المراد تحويله إلي كنيسة ملاصق لباب مسجد النور الذي أقامته إحدي العائلات الكبيرة في هذه المنطقة, كما أن شباب المنطقة متشددون, وهذا هو سبب رفض تحويل المصنع إلي كنيسة, والكرة الآن في ملعب جهة الإدارة للموافقة أو عدم الموافقة علي التحويل, ونحن مستعدون للمشاركة في بناء الكنيسة, ولو من خلال إطلاق حملة تبرعات لبناء كنيسة في موقع بديل, تجنبا للاحتكاكات, والفتنة, وحقنا للدماء.

وبشكل عام, فإن منطقة عين شمس تعج بالعشوائيات, وفيها عدد كبير من البلطجية, شأنها في ذلك شأن المناطق العشوائية, كما أن هناك تواجدا مكثفا للتيار الإسلامي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين, والسلفيين, بينما يعد سكان منطقة عرب الطوايلة في عين شمس الغربية, والتي شهدت واقعة تحويل مبني مصنع الملابس إلي كنيسة كما يقول المحامي إبراهيم القاضي- من الأثرياء, فمعظمهم قد ورثوا مساحات كبيرة من الأراضي, كما أنهم يعملون في تجارة الأراضي, والمقاولات, وبناء الأبراج وبيعها بنظام التمليك, أما مستوي التعليم في منطقة عين شمس فقد تحسن منذ بداية التسعينيات.

ويخشي سكان منطقة عرب الطوايلة من موافقة الجهات المختصة علي تحويل مبني المصنع إلي كنيسة, لاسيما أن معظم أهالي المنطقة لديهم بنادق آلية, ومسدسات, كما أن صدور قرار من الجهات الرسمية بهذا الشأن قد يحول المنطقة إلي ساحة حرب, سوف يدفع ثمنها الجميع